شرح سبعون حديثًا (24)
24- عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «قال الله- تعالى-: أنفِق يا ابنَ آدم، يُنفَق عليك» متفق عليه.
المال الذي أعطاه الله بني آدمَ، أعطاهم الله إياه فتنة؛ ليَبلوَهم، هل يحسنون التصرف فيه أم لا؟
قال الله- تعالى-: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} [التغابن: 15].
فمن الناس من ينفقه في شهواته المحرمة، وفي لذائذه التي لا تزيده من الله إلا بُعدًا، فهذا يكون ماله وبالًا عليه، والعياذ بالله.
ومن الناس من ينفقه ابتغاء وجه الله فيما يقرِّب إلى الله على حسب شريعة الله، فهذا يكون ماله خيرًا له.
ومن الناس من يبذل ماله في غير فائدة، ليس في شيء محرم، ولا في شيء مشروع، ولا في مصلحة دنياه، فهذا ماله ضائع عليه، وقد نهى النبي- صلى الله عليه وسلم- عن إضاعة المال.
وينبغي للإنسان إذا بذل ماله فيما يرضي الله، أن يكون واثقًا بوعد الله- سبحانه وتعالى؛ حيث قال في كتابه: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [سبأ: 39].
{فَهُوَ يُخْلِفُهُ}؛ أي: يعطيكم خلفًا عنه.
فالله- عز وجل- وعد في كتابه أن ما أنفقه الإنسان، فإن الله يخلفه عليه، يعطيه خلفًا عنه، وهذا يفسره قول الرسول- عليه الصلاة والسلام- مثل قوله- صلى الله عليه وسلم-: «ما من يوم يصبح العباد فيه، إلا ملكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم أعطِ منفقًا خلفًا، ويقول الآخر: اللهم أعطِ ممسكًا تلفًا»؛ يعني: أتلف ماله.
والمراد بذلك:
مَن يُمسك عما أوجب الله عليه من بذل المال فيه، وليس كل ممسك يدعى عليه، بل الذي يمسك ماله عن إنفاقه فيما أوجب الله، فهو الذي تدعو عليه الملائكة بأن الله يُتلفه ويُتلف ماله.
والتلف نوعان: تلف حسي، وتلف معنوي.
1- التلف الحسي:
أن يتلف المال نفسه، بأن يأتيه آفة تَحرقه، أو يُسرَق، أو ما أشبه ذلك.
2- والتلف المعنوي:
أن تنزع بركته، بحيث لا يستفيد الإنسان منه في حسناته.
فمالُكَ الذي تقدمه لله- عز وجل- تجده أمامك يوم القيامة، فأنفق مالك فيما يرضي الله، وإذا أنفقت، فإن الله يخلفه وينفق عليك؛ كما قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «قال الله تعالى: يا ابن آدم، أنفق، يُنفق عليك»، والله أعلم.
المصدر: موقع الألوكة.